سوريا- من درة التاج العربي القديم إلى مركز الاقتصاد الحديث
المؤلف: محمد الساعد10.21.2025

لقد أدرك الملك العربي معاوية بن أبي سفيان الأهمية المحورية لسوريا في قلب "التاج العربي" الذي تشكل إثر انتقال مركز الخلافة الإسلامية من المدينة المنورة إلى دمشق الشام، حيث غدت سوريا الجوهرة المتلألئة في التاج، في مملكة مترامية الأطراف امتدت من تخوم خراسان شرقاً إلى أقصى ربوع المغرب العربي غرباً.
ذلك النفوذ الطاغي لم ينشأ من العدم، بل استمد قوته من موقعها الاستراتيجي المتميز كنقطة وصل حيوية للتجارة العالمية بين الشرق الآسيوي والغرب الأفريقي، والشمال الأوروبي والجنوب العربي، وهو ما لمسه معاوية شخصياً خلال قيادته للرحلات التجارية الكبرى من مكة المكرمة شمالاً، وهذا التأثير بالتحديد هو الذي بوأ الإمبراطورية العربية مكانة مهيمنة على العالم القديم لخمسة قرون مديدة.
ولكن ما الذي سيجعل سوريا "اليوم" دولة مؤثرة في عالم يموج بالصراعات ولا يعترف إلا بمنطق القوة، وهي دولة ينوء كاهلها بالتخلف والتراجع التنموي، وكأنها خارجة من حقبة منتصف القرن الماضي، وذلك بسبب سياسات التهميش والإقصاء التي انتهجها النظام السابق؟
لقد شهدنا تراجعاً مريراً للبنان بثقافته العريقة، واختفاءً للعراق بتاريخه الضارب في جذور الحضارة، وانزلاق بعض الدول العربية إلى هوة الفشل والصراعات الداخلية المدمرة (سوريا، ليبيا، السودان، اليمن، على سبيل المثال)، مما يستلزم إعادة تقييم شاملة لمستقبل المنطقة، وتحديد الأسس التي سيتم عليها بناؤه.
إن العالم اليوم يوجه بوصلته نحو تحقيق مصالحه وأهدافه عبر مسار واحد واضح المعالم: حجم العوائد التي سيجنيها من خلال (الاقتصاد، الاستثمار، التنمية، العلاقات، المشاريع، المساعدات)، حيث لم تعد المجاملات والمحاباة هي السبيل الأمثل لإقامة علاقات وطيدة وقوية.
لقد ظلت سوريا تحت حكم حزب البعث لأكثر من خمسة عقود، تقود ما كان يُعرف بـ "دول الطوق"، والذي انتهى بتشكيل ما يسمى بـ "محور الممانعة"، ولكن دول الطوق لم تفلح في تحرير فلسطين، ولا الممانعة استطاعت أن تحرر نفسها من قيودها وأزماتها.
لعبت سوريا -البعث- دوراً بارزاً في استغلال الصراع العربي الإسرائيلي لضمان بقاء واستمرار النظام، وبالرغم من تكبدها هزائم متتالية وضربات موجعة، إلا أن الرد كان يأتي دائماً تحت شعار (الرد في الوقت والزمان الذي تحدده سوريا)، ولكن الرد لم يأتِ قط، ولم يحن الوقت الموعود، واكتفت سوريا القديمة بالهيمنة على القرار السياسي في كل من لبنان وفلسطين، من خلال السيطرة المباشرة وغير المباشرة على بعض التنظيمات الفلسطينية واللبنانية.
في حروب 76 - 73 - 82، لم يكن النظام جاداً في مواجهة إسرائيل بالقدر الذي كان يروج له إعلامه، نعم لقد أدى دوره ببراعة فائقة من خلال نشر الانتصارات الوهمية، وتعبئة الرأي العام حول مواقفه، ولكن دون تحقيق أي نتائج ملموسة على أرض الواقع.
اكتفى النظام بمكاسبه الاقتصادية والسياسية والأمنية في لبنان، وتقويض استقلالية القرار الفلسطيني، واستخدام القضية الفلسطينية لتصفية الحسابات وابتزاز الآخرين، وكانت مساهمة سوريا في دعم الاقتصاد العربي ضئيلة للغاية، وثابر النظام على ترسيخ نموذجه الخاص، والقائم على إفقار الشعب، واحتكار الفرص من خلاله فقط، وذلك لضمان ولاء مختلف المكونات وإبقائها تحت سيطرته المطلقة، وقد نجح في مسعاه إلى حد كبير، وعاشت سوريا على هامش الحياة.
اليوم لم يعد العرب بحاجة إلى سوريا التي تصدح عبر أثير إذاعتها بالأناشيد الحماسية للترويج والتكسب، أو سوريا التي تدير الميليشيات وتستقطبها إلى أراضيها، ولا سوريا التي استبدلت اقتصاد الزراعة والإنتاج والتصنيع، بتجارة الكبتاجون، بل هم بأمس الحاجة إلى عودة سوريا -المتألقة- أكثر حيوية، وأكثر استعداداً للمساهمة الفعالة في الاقتصاد العربي، من خلال الاستثمار الأمثل لموقعها الجغرافي الاستراتيجي، الذي قد يعيدها مرة أخرى إلى صدارة التاج الاقتصادي العربي، تماماً كما وضعت هولندا في قلب أوروبا، لتكون معبراً للبضائع وإعادة التصدير إلى مختلف أنحاء العالم.
ذلك النفوذ الطاغي لم ينشأ من العدم، بل استمد قوته من موقعها الاستراتيجي المتميز كنقطة وصل حيوية للتجارة العالمية بين الشرق الآسيوي والغرب الأفريقي، والشمال الأوروبي والجنوب العربي، وهو ما لمسه معاوية شخصياً خلال قيادته للرحلات التجارية الكبرى من مكة المكرمة شمالاً، وهذا التأثير بالتحديد هو الذي بوأ الإمبراطورية العربية مكانة مهيمنة على العالم القديم لخمسة قرون مديدة.
ولكن ما الذي سيجعل سوريا "اليوم" دولة مؤثرة في عالم يموج بالصراعات ولا يعترف إلا بمنطق القوة، وهي دولة ينوء كاهلها بالتخلف والتراجع التنموي، وكأنها خارجة من حقبة منتصف القرن الماضي، وذلك بسبب سياسات التهميش والإقصاء التي انتهجها النظام السابق؟
لقد شهدنا تراجعاً مريراً للبنان بثقافته العريقة، واختفاءً للعراق بتاريخه الضارب في جذور الحضارة، وانزلاق بعض الدول العربية إلى هوة الفشل والصراعات الداخلية المدمرة (سوريا، ليبيا، السودان، اليمن، على سبيل المثال)، مما يستلزم إعادة تقييم شاملة لمستقبل المنطقة، وتحديد الأسس التي سيتم عليها بناؤه.
إن العالم اليوم يوجه بوصلته نحو تحقيق مصالحه وأهدافه عبر مسار واحد واضح المعالم: حجم العوائد التي سيجنيها من خلال (الاقتصاد، الاستثمار، التنمية، العلاقات، المشاريع، المساعدات)، حيث لم تعد المجاملات والمحاباة هي السبيل الأمثل لإقامة علاقات وطيدة وقوية.
لقد ظلت سوريا تحت حكم حزب البعث لأكثر من خمسة عقود، تقود ما كان يُعرف بـ "دول الطوق"، والذي انتهى بتشكيل ما يسمى بـ "محور الممانعة"، ولكن دول الطوق لم تفلح في تحرير فلسطين، ولا الممانعة استطاعت أن تحرر نفسها من قيودها وأزماتها.
لعبت سوريا -البعث- دوراً بارزاً في استغلال الصراع العربي الإسرائيلي لضمان بقاء واستمرار النظام، وبالرغم من تكبدها هزائم متتالية وضربات موجعة، إلا أن الرد كان يأتي دائماً تحت شعار (الرد في الوقت والزمان الذي تحدده سوريا)، ولكن الرد لم يأتِ قط، ولم يحن الوقت الموعود، واكتفت سوريا القديمة بالهيمنة على القرار السياسي في كل من لبنان وفلسطين، من خلال السيطرة المباشرة وغير المباشرة على بعض التنظيمات الفلسطينية واللبنانية.
في حروب 76 - 73 - 82، لم يكن النظام جاداً في مواجهة إسرائيل بالقدر الذي كان يروج له إعلامه، نعم لقد أدى دوره ببراعة فائقة من خلال نشر الانتصارات الوهمية، وتعبئة الرأي العام حول مواقفه، ولكن دون تحقيق أي نتائج ملموسة على أرض الواقع.
اكتفى النظام بمكاسبه الاقتصادية والسياسية والأمنية في لبنان، وتقويض استقلالية القرار الفلسطيني، واستخدام القضية الفلسطينية لتصفية الحسابات وابتزاز الآخرين، وكانت مساهمة سوريا في دعم الاقتصاد العربي ضئيلة للغاية، وثابر النظام على ترسيخ نموذجه الخاص، والقائم على إفقار الشعب، واحتكار الفرص من خلاله فقط، وذلك لضمان ولاء مختلف المكونات وإبقائها تحت سيطرته المطلقة، وقد نجح في مسعاه إلى حد كبير، وعاشت سوريا على هامش الحياة.
اليوم لم يعد العرب بحاجة إلى سوريا التي تصدح عبر أثير إذاعتها بالأناشيد الحماسية للترويج والتكسب، أو سوريا التي تدير الميليشيات وتستقطبها إلى أراضيها، ولا سوريا التي استبدلت اقتصاد الزراعة والإنتاج والتصنيع، بتجارة الكبتاجون، بل هم بأمس الحاجة إلى عودة سوريا -المتألقة- أكثر حيوية، وأكثر استعداداً للمساهمة الفعالة في الاقتصاد العربي، من خلال الاستثمار الأمثل لموقعها الجغرافي الاستراتيجي، الذي قد يعيدها مرة أخرى إلى صدارة التاج الاقتصادي العربي، تماماً كما وضعت هولندا في قلب أوروبا، لتكون معبراً للبضائع وإعادة التصدير إلى مختلف أنحاء العالم.
